فأقم وجهك للدين حنيفا: أي سدد وجهك يا رسولنا للدين الإسلامي بحيث لا تنظر إلا إليه. حنيفا: أي مائلا عن سائر الأديان إليه، وهو بمعنى مقبلا عليه. فطرة الله: أي صنعة الله التي صنع عليها الإنسان وهي قابليته للإيمان بالله تعالى. لا تبديل لخلق الله: أي لا تعملوا على تغيير تلك القابلية للإيمان والتوحيد فالجملة خبرية لفظاً إنشائية معنى.
"فأخبر أنه فطر عباده على إقامة الوجه حنيفًا، وهي عبادة اللّه وحده لا شريك له،[تفسير السعدى] *********** فإقامة الوجه لله تعالى دون غيره هي حقيقة لا إله إلا الله وهذه الحقيقة هي التي فطر الناس عليها. فأمر الله تعالى بإقامة الوجه لله تعالى والميل عن إقامة الوجه لغيره. فإقامة الوجه هو عبادة الله تعالى وهو الاستسلام وينافيه الشرك و الكبر. "فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها" المنشاوي - YouTube. والحنيف هو المائل عن الشرك قصدا الى التوحيد, وينافيه الوقوع في الشرك. وفي صحيح البخاري، (عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، وينصرانه، أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء" ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم). فقبح الشرك المناقض لحقيقة الإسلام مفطور على معرفته كل بني آدم
قال في الحاشية: والحاصل: أنه تعالى فطر الكل في ابتداء النشأة، على الاعتراف بربوبيته، ولكن كتب منهم السعداء موحدين، وكتب الأشقياء مشركين، مع اعتراف الجميع بربوبيته، ولم يوفق الأشقياء لكون الربوبية تستلزم الوحدانية، فأشركوا، فناقضوا لازم قولهم. هـ تفسير ابن عجيبة
يقول تعالى: "مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ • مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" [الروم: 31-32] هنا فإن "مُنِيبِينَ" حال والحال يصف الفاعل أو المفعول به (المأمور هنا هو المقصود من صيغة الأمر "أَقِمْ وَجْهَكَ"). وقد قلنا إن صيغة الأمر الإلهي تخص الاختيار الإنساني؛ لأن من الناس من يقوم بتنفيذ هذا الأمر، ومنهم من يقف دونه. مفهوم الدين (7): ملامح وأبعاد "القيمومة" في الدين - أصوات أونلاين. ومن ثم، لنا أن نفهم من سياق الآية أن كلًا من المسألتين الموضوعيتين: "فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا" و "لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ" إضافة إلى المسألة الذاتية "أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا" تشكّل معًا جميعًا، أحد أبعاد "الدِّينُ الْقَيِّمُ". يؤكد هذا أن المسائل الثلاث جاءت معًا (غير معطوفة) في سياق واحد تمثله صيغة أمر تليه جملة خبرية كما يؤكد، أنه تعالى ختم الآية بقوله "وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ".
تنظيم حياة الناس وفق شرع الله الحكيم الشامل الذي يضمن العدالة ويحقق الامن والاستقرار والانضباط للمجتمع. بناء الأمة الخيرة وتقوية الرابط الإجتماعية.
ففي هذه الصيغة الأخيرة –كمثال– يبدو "التكامل" عبر الربط بين أمر عبادة الله وحده، وبين أمر إقامة الوجه –حنيفا– للدين. ومن ثم، لنا أن نفهم أن الصيغ الثلاث: القانون الموضوعي والأمر والنفي، في كل من الآيتين، وفي كليهما معًا، هي الأبعاد التي يتضمنها "الدِّينُ الْقَيِّمُ"، بدليل أنه، سبحانه وتعالى، أتبع هذه الصيغ بقوله: "ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ".