فلا يحكم على الآية بأنها منسوخة، لما قد بينا ذلك في نظائره في غير موضع من كتبنا. (18) * * * وأما قوله: (وأمر بالعرف) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ-آيات قرآنية. فقال بعضهم بما: - 15547 - حدثني الحسن بن الزبرقان النخعي قال: حدثني حسين الجعفي, عن سفيان بن عيينة, عن رجل قد سماه قال: لما نـزلت هذه الآية: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل، ما هذا؟ قال: ما أدري حتى أسأل العالِم! قال: ثم قال جبريل: يا محمد، إن الله يأمرك أن تَصِل مَن قطعك, وتعطي من حرمك, وتعفو عمن ظلمك. (19) 15548 - حدثني يونس قال: أخبرنا سفيان, عن أمَيّ قال: لما أنـزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا جبريل؟ قال: إن الله يأمرك أن تعفوَ عمن ظلمك, وتعطيَ من حرمك, وتصل من قطعك. (20) * * * وقال آخرون بما:- 15549 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن هشام بن عروة, عن أبيه: {وأمر بالعرف} ، يقول: بالمعروف. 15550 - حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: {وأمر بالعرف} قال: أما العرف: فالمعروف.
وكذلك ، فهم منها الحر بن قيس في الخبر المتقدم آنفا وأقره عمر بن الخطاب على ذلك الفهم. وقد جمعت هذه الآية مكارم الأخلاق لأن فضائل الأخلاق لا تعدو أن تكون عفوا عن اعتداء فتدخل في خذ العفو ، أو إغضاء عما لا يلائم فتدخل في وأعرض عن الجاهلين ، أو فعل خير واتساما بفضيلة فتدخل في وأمر بالعرف كما تقدم من الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء ، وهذا معنى قول جعفر بن محمد: " في هذه الآية أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق ، وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها ، وهي صالحة لأن يبين بعضها بعضا ، فإن الأمر بأخذ العفو يتقيد بوجوب الأمر بالعرف ، وذلك في كل ما لا يقبل العفو والمسامحة من الحقوق ، وكذلك الأمر بالعرف يتقيد بأخذ العفو وذلك بأن يدعو الناس إلى الخير بلين ورفق ".
وجملة: (لا يقصرون) في محلّ رفع معطوفة على جملة يمدّونهم.