فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما فمشيا في ضوئها، فلما افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر)) (1). وهذه من كرامات الأولياء؛ فإن أهل الصلاح إذا حصل لهم أمر خارق للعادة فهي كرامة، أما إذا حصل ذلك لفاسق فهي من عمل الشيطان، وإذا حصل لإنسان مجهول مستور فيعرض أمره على الكتاب والسنة. وهذا النور الذي حصل لهذين الصحابيين مبني على نور الإيمان والتقوى، فاستنار الباطن، وجعل الله نوراً في عصا كل واحد منهما، فاستنار الظاهر، وليس من شرطٍ أن يحصل ذلك لكل مؤمن، وإنما ذلك راجع إلى الله - عز وجل -. 16 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين)) (2). ذكر العلامة الملاّ علي القاري أن معنى: ((أضاء له من النور)) أي: في قلبه، أو قبره، أو يوم حشره في الجمع الأكبر، ((ما بين الجمعتين)) أي: مقدار الجمعة التي تليها من الزمان، وهكذا كل جمعة تلا فيها هذه السورة)) (3). سورة الكهف نور ما بين الجمعتين وسبب قراءتها. قال الطيبي رحمه الله: ((أضاء له)) يجوز أن يكون لازماً، وقوله: ((ما بين الجمعتين)) ظرف، فيكون إشراق ضوء النور فيما بين الجمعتين، بمنزلة إشراق (1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 7/ 125.
كما يوجد في سورة البقرة قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر وما يوجد في القصة من عبر وحكم تعلمنا الخضوع للقضاء والقدر ولكل ما يكتبه الله على الإنسان. كل آية من آيات سورة الكهف تدلّ على كمال وحدانية الله جلّ وعلا، وفي السورة يوجد ما يستنير به أهل الإيمان فيزدادون إيماناً وهدى ويقين. فيما يلي نقدم أدعية ووردت في سورة الكهف، ونبدأ بدعاء فتية أهل الكهف: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا. اللهم اجعلني احسن عملاً. اللهم آتنا من لَّدُنك رحمة. يا رب هيئ لنا من أمرنا رشدًا. اللهم زدنا هدى. اللهم اربط على قلوبنا. الحكم على أحاديث فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة. يا رب انشر لنا من رحمتك. أيضا اللهم هيئ لنا من أمرنا مرفقًا. يا رب اهدنا وكن لنا ولياً مرشدًا. اللهم اهدنا في كل أمر لما هو أقرب رشدًا. لا تجعلنا ممن يطيع من أغفلنا قلبه عن ذكرك وكان أمره فرطًا. أيضا اللهم ارزقنا جنات عدن التي هي نعم الثواب وحسنت مرتفقاً. اجعلنا ممن يصبر وجهه مع الذين يدعون ربهم يريدون وجهه. اللهم لا تجعلنا ممن ذُكر بآيات ربه فأعرض عنها. لا تجعل على قلوبنا أكنة تمنعنا من فهم القرآن. اجعلنا ممن إذا دُعي إلى الهدى استجاب.
(2) البيهقي 3/ 249، والحاكم في المستدرك وصحح إسناده، 2/ 368، والدارمي موقوفاً في حكم الرفع، في فضائل القرآن، باب في فضل سورة الكهف، 2/ 326، برقم 3410، وصححه الألباني بطرقه، في إرواء الغليل، 3/ 94، برقم 626. (3) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 4/ 678.
وفي الحَديثِ التَّرغيبُ والحَثُّ على قِراءةِ سُورةِ الكَهفِ يَومَ الجُمُعةِ.
المَبحَثُ الرَّابعُ: غُسْلُ الجُمُعةِ. المَبحَثُ الخامِسُ: الطِّيبُ والسِّواكُ.