من أرقى أنواع رفاهية الروح أن يكون «انفرادك بنفسك» هو متعتك الحقيقية، فمن لا يأنس بذاته لا يأنس بشيء آخر، هكذا تحدث أحد الحُكماء، ومن جهتي لا أرى بأساً في هذا القول الجميل في المعنى والمقصد، فالكتابة عن الخلوة مع النفس وآثارها على الحياة في واقعها الحالي بما يحفه من تعقيدات ومصاعب وتحديات شيء ممتع، فالأنس مع النفس جوهر الخلوة ومتعتها الحقيقية، فقد تضطرنا ضغوطات الحياة ومصاعبها أحياناً إلى ضرب «طوق من الخلوة» حول أنفسنا للحفاظ على طاقتنا من التبدد، وعلى توهج أرواحنا ضد حالة الوهن والتشتت التي تصيبنا جراء تصاريف الأقدار وتقلبات الحياة. فالحياة يقيناً ليست نعيماً دائماً لا ينقطع، ولا هي نزهة بحرية على شواطئ يانعة الخضرة، ولا يمكن بالطبع أن تكون سلسلة من المصاعب والآلام والخسارات، إنما هي رحلة تجمع بين السعادة بمعناها الواسع الذي يجمع بين خلو البال والمتع الحسية والمعنوية والجانب الآخر الذي هو نقيض خلو البال. الخلوة مع النفس المطمئنة. إذاً، هي رحلة ليست سهلة، بمقدار ما فيها من المُتع والنعم وبهاء العيش وصفوه، بقدر ما فيها من الشقاء والمعاناة. الخلوة بالنفس من أجل استعادة الشغف بالحياة ومواصلة رحلتنا، هي أن نستقطع من أوقاتنا أوقاتاً أخرى، نفرد مساحات أكثر خصوصية في المكان والزمان لاستعادة التوازن الذي ننشده لتبديد الطاقة السلبية وما علق بنا من هموم ومشاغل.
الخلوة مع النفس ليست انسحاباً من الحياة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين إلا إذا كانت لمدد طويلة وعزوف عن مشاركة الآخرين أنشطتهم وتفاصيل حياتهم، والخلوة مع النفس يجب أن يصحبها تقبل وتفهم من قبل الآخرين، واحترام لرغبة الفرد بأن يكون بمفرده في الوقت الذي يختاره والمكان الذي يحبه، دون أن يكون فيه ضرر على الآخرين أو تقصير في حق من لهم حق عليه. لا تعتبر الخلوة مع النفس خطراً أو حتى سلوكاً سلبياً إلا إذا ظهرت علامات الاكتئاب أو الانغلاق على الذات وكره الاختلاط مع الآخرين بصورة متكررة. كلنا يحتاج أن يخلو بنفسه ولو لدقائق يسرقها من برنامجه اليومي خصوصاً إذا كان مزدحماً مليئاً بالمسؤوليات والأعمال، ودون أن يشعر بالذنب أو الاستياء من ذلك.
الخطبة الأولى: الحمد لله الذي هدانا لطاعته وهُداه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وعد من أطاعه بالسعادة في الدنيا والفوز يوم لقاه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير الداعين إلى رضاه صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وصحابته ومن والاه.
الخلوة بالذات ، لحظة الإعتكاف بالنفس الثمينة تلك لها من الأهمية و النتائج المبهرة لو علمنا الكثير، هي وقفة إعتراف و مراجعة الحسابات و جردها، وقفة خالية من الكذب و التزييف مع النفس و دليل على الرغبة في البحث عن آفاق جديدة للذات، يقول الفيلسوف و الكاتب الألماني نيتشه: " إن العزلة ضرورية لإتساع الذات و امتلائها، فالعزلة تشفي أدواءها و تشدد عزائمها". فالتفكر و التدبر يبلغ علوه و الأفكار تنقدح و الحقائق تتجلى عندما تتوارى تحت رداء الخلوة بعيدا عن الأضواء و الغوغاء، يقول الله عز وجل في ا لآية 46 من سورة سبأ: " قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا". وكالة أنباء الإمارات - جامعة الإمارات تثري بيئة العمل الأكاديمي بأفضل الممارسات الإيجابية. روحيا، الخلوة هي ركن من البناء الروحي السليم الذي يرتقي بالإنسان و استعداداته الروحانية الداخلية، فهي مقترنة بتجربة روحية فردية تصعد فيها النفس إلى ذروة الشوق إلى الله كما جاء في الحديث السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة: "و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" (رواه البخاري). و فضلا عن فائدتها الروحانية فالخلوة هي سنة الأنبياء عليهم السلام و دأب الصالحين و العارفين، فإذا تسلسلنا في خلوات رسل الله و عباده الذين اصطفى نجد أن في الخلوة تلقى آدم من ربه كلمات، و فيها جنَّ على إبراهيم الليل و رأى ملكوت السموات و الأرض، و فيها تلقى موسى الألواح بعد خلوة الأربعين ليلة، و في محراب بيت المقدس كانت مريم العذراء تعيش أجمل أيام خلوتها، و خلالها كذلك تلقى المصطفى عليه الصلاة و السلام كلمات الوحي الأولى.
في نهاية المطاف، ليست الخلوة بالنفس غاية في حد ذاتها، و إنما هي محطة يعود فيها الإنسان إلى نفسه ليتأمل مسيرته بعيدا عن ضوضاء المجتمع، هي تجربة نفسية صادقة لا يستشعر حقيقة روعتها إلا من جربها، هي إجمالا منطلق لمنبع داخلي متجدد لا ينبض، و كل أوقات العمر فرصة سانحة لتجربة خلوة شعورية روحية نفسية تكون بداية الدرج لإخراج الفرد الداخلي السليم إلى العالم.
عادة التدخين مدمرة.. ومن ضمن العادات المطلوب هدمها مع ترك المنبهات والسهر د. نورة الضعيان – استشاري وأستاذ مساعد الأمراض الوراثية: فحص ما قبل الزواج لا يغطي كل الأمراض الوراثية التي يمكن أن تظهر بسبب زواج