[خامساً: تقرير حقيقة وهي أن المكر السيئ عائد على أهله لا على غيرهم]. المكر السيئ عائد إلى أصحابه؛ قال تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر:43]. [وفي هذا يرى أن ثلاثة على أهلها رواجع]. ثلاثة على أهلها رواجع، أي: راجعة عليهم. [ وهي: المكر السيئ والبغي والنكث]. والنكث نكث العهد، الذي يكون بينك وبينه عهد ثم ينكث، تعود العاقبة عليه بالخسران. [ لقوله تعالى: إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ [يونس:23]، وقوله: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح:10]، وقوله: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر:43]]. وصدق الله العظيم، أين نحن من هذا القرآن العظيم؟ هل نقرأه على الموتى يا عباد الله؟! لا يجتمع عليه المسلمون لا في بيت ولا في مسجد، فكيف يعلمون؟ وكيف يعرفون؟ [قال الشيخ في النهر غفر الله لنا وله ولوالدينا أجمعين: روي أن كعباً قال لـ ابن عباس: إني أجد في التوراة: من حفر حفرة لأخيه وقع فيها. ولا يحيق المكر السئ الا باهله. فقال ابن عباس: فإني وجدت في القرآن ذلك قال: وأين؟ قال اقرأ: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر:43]]. ومن أمثال العرب: من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً.
[١٦] إنّ إرادة السوء والشر بالمسلمين توقع أصحابها بالهلاك، لأنّ هذا ليس محاربة لأعيان المسلمين فقط بل هو محاربة للإسلام كدين. [١٦] إنّ من الجدير أن لا يخشى المؤمن مكر الماكرين ويشغل نفسه بذلك، فالله هو الذي يتولّى الصالحين ويردّ كيد الكائدين في نحورهم. [١٦] إنّ في الآية تسلية لرسول الله وتهديد للمشركين، وهي جارية مجرى الأمثال والمواعظ والعبر، وهذا من البلاغة العظيمة في لآيات القرآنية. [٧] إنّ من النواميس الإلهية عودة المكر على أهله لأنّ وقوع مكر الماكرين له تأثير على المعاملات بين العباد وهذا يؤدّي إلى ارتفاع الثقة بين الناس وسعي بعضهم للإيقاع ببعضهم الآخر، وذلك يؤدّي إلى نشر الفساد في الأرض والله لا يحبّ ذلك. [٧] المراجع [+] ↑ سورة فاطر، آية:1 ↑ "سورة فاطر" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-16. بتصرّف. ↑ " التحرير والتنوير " ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17. بتصرّف. فاطر الآية ٤٣Fatir:43 | 35:43 - Quran O. ↑ "كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17. بتصرّف. ↑ سورة فاطر، آية:43 ^ أ ب ت ث ج ح "(فاطر - 43)" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17. بتصرّف. ↑ سورة يونس، آية:23 ↑ سورة الفتح، آية:10 ↑ "تعريف و معنى يحيق في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-17.
_______________ (1) ينظر في تحديدهم: التحرير والتنوير 12/73 في تفسير ابن عاشور لهذه الآية. (2) التفسير الميسر (تفسير المجمع). (3) في ظلال القرآن 4/499. (4) ينظر: أضواء البيان 4/153. (5) التحرير والتنوير 22/335_336. (6) سير أعلام النبلاء (23 / 455). (7) يشير بذلك إلى قصة أصحاب الجنة في سورة القلم.
2- مذموم: وهو ما قُصِد به الشَّر. ولا يحيق المكر السيء الا باهله. قال ابن القيِّم: (الكَيْد ينقسم إلى نوعين، قال تعالى: " وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ " [الأعراف: 183] وقال تعالى: " كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ " [يوسف: 76] وقال تعالى: " إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا " [الطارق: 15-16]) [إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان]. وقال الرَّاغب الأصفهاني: (الكَيْد: إرَادَة متضمِّنة لاستتار ما يُرَاد عمَّن يُرَاد به، وأكثر ما يُسْتَعمَل ذلك في الشَّرِّ، ومتى قُصِد به الشَّرُّ فمذموم، ومتى قُصِد به خيرٌ فمحمود، وعلى الوجه المحمود قال - عزَّ وجلَّ -: " كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ " [يوسف: 76] [الذريعة إلى مكارم الشريعة]. من وسائل النَّجاة مِن كيد الكائدين: 1- الصَّبر والتَّقوى: " إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ " [آل عمران: 120].