هذه خلاصة ما حدثت به صديقي، وقد قلت له كلاماً آخر كثيراً، نسيته، فقد طال بيننا الحوار، وتركني وهو غير مقتنع بصوابي، فلم أحفل بذلك. وماذا يضرني ألا يقتنع؟ ولماذا أكلف نفسي تعب إقناعه؟ أنا الذي جربت مراراً كيف يخيب الأمل، ويذهب المسعى سدى؟ وأويت إلى مكتبي في الليل، بعد أن نام البيت، وأعفيت من ضجة الأطفال وأخرست لسان الراديو الصاخب... من شابه أباه فما ظلم : arabs. وعلى ذكر الراديو أقول أن بني مثلي، يأكلون على ضوضاء الراديو، ويراجعون دروسهم على ضجات الراديو، ولا يبدو عليهم أنهم يسمعون ما يصيح به، أو يبالونه، ومن شابه أباه فما ظلم، وإني لأرجو أن يظلوا مثلي، وألا يكترثوا لمن عسى أن يسبهم ويزعمهم (من فراش العار) - في حوار أدبي أو جدل سياسي - ما علينا. سألت نفسي لما خلوت بها: (أهذا الذي صرت إليه اتزان أم بلادة؟ وصحة إدراك للقيمة الحقيقية للأشياء، أم فتور حتى عن محاولة الإدراك؟ وهل النار كامنة تحت هذا الرماد، أم هي خمدت وأنت تحسبها لا تحتاج إلى أكثر من التقليب؟ وهل يشي هذا بالقوة، أو يشي بالضعف؟ ومن اليأس هذا، أم من العلم والفهم الصحيح؟ وحال تدوم، أم عارض يزول؟ وطال تفكيري في جواب هذه المسائل، ولم أنته إلى شيء تسكن إليه النفس، فنهضت وأنا أقول: (ولماذا أعني نفسي بهذه المتعبات؟ وماذا أبالي على كل حال سواء أكان الأمر هكذا أم كذلك؟) وأعجبتني (لا أبالي) هذه، فقد صارت عندي مخرجاً من كل ورطة، وباباً لتفريج كل أزمة في النفس.
المدح: هو إحسان الثناء على المرء بما له من الصفات الحسنة. مَدَحَه كَمَنَعَه مَدحا ًومِدحَةً: أحسَنَ الثَّناءَ عليه. والمَديحُ و الأُمدُوحَةُ ما يُمدَحُ به، جمعُه: مَدائِح، وأَماديح. اقتباسات [ عدل] كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا، يلقي بحجر فيجود بأطيب الثمر بالعلم تجذب العقول وبالأخلاق تجذب القلوب. مصطفى نور الدين لا تـنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم، وكثرة الحج، والمعروف، وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث واداء الامانة. النبي مُحمَّد ثلاث ليس عليهن مستزاد: حسن الأدب، ومجانبة الريب، والكف عن المحارم. - علي بن أبي طالب عقل المرء نظامة، وادبه قوامة، وصدقة إمامة، وشكرة تمامة. - علي بن أبي طالب الأدب كمال الرجل. - علي بن أبي طالب إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع. إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل. إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا. ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه. إذا حضر الماء بطل التيمم. اذا لم تستح فأفعل ما تشاء. أطهر الناس أعراقاً أحسنهم أخلاقاً. أعرف الناس بالله أرضاهم بما قسم الله له. اعف عما أغضبك لما أرضاك. أفضل الجود العطاء قبل الموعد.
ومرت السنين وكبر الفتى ولم يعد صغيرًا، بل اصبح كبير وعاقل وقادر على إدارة حياته، وفي يوم من الأيام دخلت الأم كالعادة لتضع الطعام والشراب. ولكن في هذه المرة لم تغلق الأم الباب لأنها لم تنتبه لذلك، ثم خرج الشاب من غرفته واندهش عندما رأى العالم الخارجي الذي لم يكن يعلم عنه أي شيء. وجد الشاب أمه وهي تجلس وتقوم بتمشيط شعر فتاة من الفتيات، وكانت هي ابنة الجيران التي لم يراها الشاب أبدًا لأنه لم يرى في عمره غير أبيه وأمه. وسأل الشاب أمه باندهاش ما هذا يا أمي؟، فلم تقل الحقيقة بل كذبت وقالت هذا رأس ذئب. دخل الشاب غرفته وهو يقول: الذيب ماله قذلة هلهليه، الذيب ماله قذلة هلهليه، ولا له ثمان مفلجات معاذيب، والذيب ما يمشط بالعنبرية، لا واهني من مرقده في حشا الذيب. سمع الأب كلام ابنه وعرف أنه بذلك قد وقع في الحب وقرر أن يرسله لشيخ القرية، وبالفعل ذهب الشاب إلى الشيخ. سأل الشيخ الشاب قائلًا هل تعلم حروف الهجاء، قال الشاب نعم أبي هو من علمني، قال الشيخ للشاب اخبرني بشيء بحرف الألف. قال الشاب للشيخ: ألف وليف الروح قبل أمس زرناه غرو يسلي عن جميع المعاني. أكمل الشيخ الحديث قائلًا للشاب قل لي شيء بحرف الباء، قال الشاب: والباء بقلبي شيد القصر مبناه وادعى مباني غيرهم مرمهاني.